head
Au dessus
Point de vue

د.أمين صالح: شهادة للتاريخ

contenu article
د.أمين صالح: شهادة للتاريخ

     بعد مرور أكثر من سنة على تسلم المجلس الجهوي لصيادلة الشمال مهامه في تسيير الشأن الصيدلاني، وبكل تجرد وموضوعية بعيدا عن الانتماءات والتكتلات الضيقة، وبكل صراحة وإحساس عميق بالمسؤولية، أنقل وجهة نظري الشخصية التي لا تلزم الآخر بأي شيء، حول طبيعة العمل داخل المجلس المحترم، والعوائق التي تحول دون تحقيق كل الطموحات والأماني.

     لقد جاء تحملنا لهاته المسؤولية في ظرفية صعبة و معقدة تعرفها المهنة، ظرفية ذات أبعاد عدة ومتفرعة، أزمة اقتصادية خانقة لمعظم صيادلة المملكة، و فراغ تسييري مهول لسنوات عدة، و ما نتج عنه من تمييع لصورة الصيدلاني داخل محيطه المجتمعاتي  من اختلالات أخلاقية في الممارسة الصيدلانية السليمة. و يجب أن أؤكد على أن الفريق الذي تسلم المهمة، ما فتئ في الفترة الماضية يلح على ضرورة التسريع بتنزيل قانون جهوية المجالس، و تمديد فترة عمل اللجنة المؤقتة المعينة من  طرف السيد وزير الصحة، حتى يتسنى لها إقرار قانون الجهوية و تعديل الظهير الشريف 1-75-453 لسنة 1976 المتعلق بشكل المجالس و مهامها و صلاحيتها، إيمانا منه بأن الجهوية بصلاحيات واسعة تعتبر مدخل آمنا لإصلاح الوضع القائم. لكن إصرار البعض على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها القانوني، دفعنا إلى المشاركة فيها، رغبة منا في تسيير الفترة الانتقالية للوقوف على تفعيل هاته الأوراش.

    و هكذا شاركنا في أول انتخابات ديموقراطية تعرفها المهنة، و حزنا على ثقة جل صيادلة المملكة، وكان ذلك دافعا قويا و حافزا متينا لنا كي نقدم كل ما يمكن من أجل خدمة هاته المهنة النبيلة، و من أجل أن نكون في مستوى تطلعات صيادلة الشمال و بدأ العمل داخل المجلس و على عدة مستويات، وبسلم أولويات يحددها واقع المهنة المرير، و بما ان حجم المأساة، و كثرة المشاكل و تنوعها فالأكيد أن  العمل المقدم لحدود الآن لن يصل إلى درجة الإقناع و الكمال، و قد فرض علينا واقع التسيب والاستهتار بأخلاقيات المهنة و التعدي على الحقوق المادية للصيادلة من طرف فئة انتهازية استغلت فترة الفراغ لتكريس سياسة الغاب، حيث أن القوي يأكل الضعيف، تفعيل المجالس التأديبية، للضرب بقوة على المخالفين و المتلاعبين بمصير المهنة، وعقدت مجالس تأديبية كما يحددها القانون، واتخذت إجراءات تأديبية وفق صلاحيات المجالس.

     و بما أن المشاكل العديدة للمهنة، هي نتيجة فراغ قانوني، و تقادم الظهائر و القوانين المنظمة، كل ذلك سهل للمتطاولين مشاركة الصيادلة حقوقهم الراسخة، حيث غاب المسلك القانوني الطبيعي لصرف الأدوية في حالات عدة، و انحصر لدى المشرع نظرته الضيقة للصيدلي كتاجر فقط، متناسين دوره الاجتماعي و الانساني في صيانة الأمن الدوائي للمواطنين، و اعتبار الصيدلية مدخلا للولوج إلى المنظومة الصحية، و إعادة الكرامة والاعتبار للفضاء الصيدلاني الذي يحاول التغطية في حالات عدة على مظاهر القصور والخلل في المنظومة الصحية الهشة في بلادنا. كل ذلك جعل من تحديث وتحيين و تغيير القوانين المنظمة موضوعا ذا أولوية، و انعقدت لقاءات دورية مع كل المتداخلين في القطاع من وزارة صحة الأمانة العامة للحكومة لهذا الغرض، و نحن نشتغل بكل حزم في هذا الموضوع.pharmacie texte loi

   و لكن و مع كل هاته المجهودات، إلا أن البيروقراطية التي ما زالت تتسم بها بعض الإدارات الوطنية، و محدودية صلاحيات المجلس خاصة في شقة التأديبي، يجعل من الصعب بروز ثمار العمل لدى الصيدلي، و تأثره الإيجابي و نجاعة الأوراش المفتوحة.

فالمجالس التأديبية تقترح، و الاماتة العامة للحكومة تقر و تفعل !!!

     و لائحة الغيابات للصيادلة و خاصة أولئك المتواجدين خارج أرض الوطن ترسل إلى مديرية الأدوية و الصيدلة ووزارة الصحة هي التي تراسل وكلاء الملك و تطلق المسطرة في هذا الباب !! و دستور الأدوية لحد الآن لم يصدر: و هو الذي يعتبر الحصن المؤمن لــ monopole الخاص بالمهنة، فالمماطلة تصر على تأجيل بزوغ هذا المكسب العظيم للمهنة !!!

   و الاتفاقيات الجائرة بين بعض الصيادلة، و التي تعتبر أكلا لأموال الصيادلة النزهاء بالباطل، وبعض المرافق الحكومية أو الشبه حكومية، مؤشر عليها من طرف المصالح الاجتماعية لهاته المؤسسات، أو من المؤسسات نفسها، كحالة السجون، إذن كيف يعقل أن يخرق القانون طرف حكومي أو شبه حكومي، نحاكم من إذن !!!؟؟؟ مَنٍِ المُؤَدّبُ وَ مَنِ المُؤَدَّبُ !!

   كل هاته النقاط و الشروحات أريد أن اوصل عبرها فكرة، دائما قلناهاو دافعنا عنها، قبل و بعد تحمل المسؤولية، انه بدون قوانين واضحة، و مجالس تأديبية بصلاحيات موسعة، لن يستطيع أي أحد مهما صدقت نيته إصلاح الوضع القائم.

   الإيجابي في هاته الفترة، هو التناغم بين كل الهيآت الشرعية الممثلة للمهنة، و تبنيها لنفس الخطاب وبنفس الحدة، و هو مؤشر إيجابي و نقطة قوة في أية مفاوضات، التي يجب أن تسرع لأن واقع المهنة لا يقبل التأخير و التأجيل، فالأزمة الاقتصادية في تفاقم، خاصة مع التخفيضات المتتالية لأثمنة الدواء دون أية إجراءات موازية ملموسة كما وعدنا !!!

   إن خطورة المرحلة تستوجب  التضامن و الوحدة، و تكتل كل مكونات المهنة حول هيآتها، و تدبير خلافاتها داخل هاته الهيآت، و الترفع  عن الخلافات الشخصية الضيقة، والنزوات النرجسية المميتة، وإنشاء هيآت جديدة و بمسيمات مختلفة، لن يزيدنا إلا تفرقة و تناحرا عبثيا، ولن يقدم أي إضافة للمهنة.

   البعض يقوم بعملية تدمير ذاتي auto-destruction، لهاته المهنة العظيمة التي ظلمها أهلها، وظلمها المشرع، و ظلمها المجتمع، و من أجل رفع هذا الظلم، يجب على النزهاء أن يتحملوا مسؤولياتهم، على رؤساء النقابات أن يؤدوا مهامهم بكل مسؤولية، وهو الأمر الذي تغيب في حالات عدة، إما مجاملات أو عدم الرغبة في تحديد المسؤوليات لكسب ود الجميع !! عن الهيآت أن تكون هيآت مسؤولة منفتحة على الكل، على عموم الصيادلة أن يبادروا في عملية التغيير و الإصلاح.

   انتباه ! هاته المقالةتعبر عن رأيي الشخصي، و ليست بيانا باسم المجلس الجهوي لصيادلة الشمال.

د.أمين صالح

Bouton retour en haut de la page